الاثنين، 8 يناير 2018

مجلة الوطن اتحاد الصوت الحر @ //قراءة الدكتور احمد بديرلنص ورقة خريف التمرد على الواقع لاتحاد الحسن /

التمرد علي الواقع ....
المعطيات... والنتائج!!

في قصيدة...

ورقة خريف...

للمبدعة :اتحاد الحسن
قراءة د. أحمد بدير .

تقول القصيدة...

ورقة خريف ....
غفوة على السطور  في وحشة الليل انتابني حلمٌ أودى بي في رحلة وسط زوبعة حطت رحالها بي
كمهاجر اشتاق إلى بر السلامة
انتفض كياني تائها في غربتي يبحث عنك في كل الارجاء حبيسة في معالمك فتحت الابواب  حين دخلت صومعتك اخذتني الدهشة امام عرشك اميري
فاستحال بي القَدرُ أن يكون في ذوائب متلثم
واستمالت افكاري مأخوذة مسلوبة في خمرة سكرتها استباح حبي المولود ساعته فكان عهدا للوفاء الابدي اللاهوتي في صرح الحياة .
متمثلا صارخا   تمهل سيدي تمهل
انا لاشرقية ولاغربية..
استهواها سيوف وزمام ولا قلاع ولا حصون..
وما عجزت عن استباق العصور
أنا قسمٌ ..أنا عهدٌ . ...أنا العيد ....أنا الناي ...وناقوس
الاولين.... وجبلةٌ من(ْ طين ) صقلت طلاسم للعشق العتيد .
عشق لاهوتي ريحه رسولا مبلغا الافكار والتصورات مجسما عالماً مابين الحقيقة والخيال ....والوطن قبة السماء .
كفكر واضح لا مغلوط ولا مسير (مركبٌ)  (ومرئي )كشمس النهار احسب
أيامك فميؤوس عهدك في عرش اوابده عبدان 
مهفهفة روحي لمعاني اصلها ،ماهمني اعراف وقيود
شَكلتها بمنظومة تاريخ عرشك ولكن عداد ترقيم ايامه لا يستمر دهورا  ولاعروشا الا اوابده لنسيان
سيدي ماعدت سيدي يانسخة منسوخ مقلد على عرش  تاجه جهل وصولجانه اصم وناقوس المعرفة ابكم فاستفقت واذا انا بمدينة احياءها أموات .ازقتها تضج بعربات خيول  على الطرقات تحسبها عامرة وهي مسيرة بلجام .حينها سقط القلم من يدي واستفقت لارى مازلت على الهامش ابدأ بالكلام .فكانت ورقة خريف  اخي الانسان في عالمنا تاريخ ماهية العبودية كمنسوخ عبر الايام

أتت المبدعة بصورة مركبة في بداية قصيدتها لترصد ماتعانيه النفس من أهوال وويلات ولتوضح بقوة ماتعيشه من أزمات في عالم غريب تنكره الروح....
فجاءت عناصر الإبانة مناسبة لهذا الواقع تحكيه بقوة فكانت كالآتي :

1-التنكير في (ورقة -خريف - غفوة - وحشة - حلم - رحلة - ذوبعة - مهاجر - بر - تائه - حبيسة )ليدل  هذا التنكيرعلي الحالة التي تعيشها المبدعة فهي حالة من الفوضي ونكران الواقع مملوءة بالهول والفجيعة والضياع الذي حدث...
فورقة الخريف تائة في وسط الأوراق لايمكن أن يستدل أحد عليها ، وفي الوقت نفسه نلاحظ انها ذابلة ماتت فيها الحياة فلا قيمة لها ولا وزن....
هكذا هم أبناء الوطن المنكوب بالحروب التي لاسبب لها سوي إسقاط أوراقه وإماتة الحياة فيه ...حتى صار ابناؤه كما مهملا لاقيمة لهم ...ماتت فيهم الحياة ...
وضاعوا أثناء (غفوة ) من العالم الرحيم ،فعاشوا في (وحشة ) ليل حالك لايعرفون فيه طريقا لرشاد ،فكان (حلما )أشبه بكابوس في(رحلة )وسط(ذوبعة )...

مشاهد حية ناطقة ينخلع لها القلب حين قراءتها...فهي لفظاعتها وبراعة تصويرها كأنها تتحرك أمام القاريء والسامع.

فكأن حشد هذه الألفاظ النكرات في بداية القصيدة ...يوحي بالانكار الشديد للحالة التي وصل اليها الوطن علي يد هؤلاء الأدعياء...

2-الصورة المركبة...
وهذا التركيب يعطيها ذخما وحيوية حيث بدأت هذه الصورة باستعارة قوية تتناسب مع الموقف وتتوافق مع حال النفس القلقة التي تسكنها الرهبة ف(الغفوة ) تركت مكانها بين العيون وسكنت علي السطور، و(الحلم )أودي بها في رحلة وسط (ذوبعة )هذه الذوبعة حطت رحالها ك(مهاجر )اشتاق إلي بر الأمان منتفض تائه يبحث في كل الأرجاء...
والشاعرة أثناء هذه الرحلة المخيفة (محبوسة )في(معالم )أميرها....
واستخدمت أسلوب التشويق حيث أتت بضمير المخاطب لأكثر من مرة دون أن تذكر اسم مخاطبها مما جعل النفس تتوق وتشتاق الي معرفته....
فلما نادته باسمه استعملت حرف النداء (الهمزة )التي تأتي لنداء القريب لتدل علي قرب مكانه ووجوده  في محيطها الذي تعيش قيه...
ورغم هذا القرب الشديد إلا انها لم تر وجهه حيث كان في (ذوائب متلثم )...
أري أن المبدعة تريد أن تشير من طرف خفي إلى هذا الأمير الذي انبهرت- في البداية- بمعالمه حتي صارت حبيسة فيها ولشدة الانبهار ترهبنت في صومعته....ولكنهادهشت حينما لم تستبن عنده وجها للحقيقة...
فمجيء هذا اللثام علي (الذؤابة ) كناية عن الغموض والخفاء وعدم المعرفة المقرونة بالجهل بأمور الدين والذي غطي  علي العقول وقادنا لما نحن فيه الان...

ربما يكون ذلك أحد مقاصد المبدعة من هذه الصورة المركبة المخيفة خاصةأنها جاءت بعد ذلك بصورة أخرى شبهت  فيها الافكار بإنسان مأخوذ مسلوب قد فقد عقله بسبب ماقدمه له هذا الأمير من مغريات...
ولما تأكد من سيطرته التامة عليه استباح في هذا الانسان كل معاني الفطرة الجميلة المتمثلة في (حبي المولود ) فلم تملك النفس وقتها الا الصراخ من شدة الفاجعة...
ولم تجد أمامها الا طلب التمهل حتي تستعيد نفسها...ولكن هيهات أن تعود..!!!

3-استخدام الألفاظ الدينية التراثية في القصيدة وتوظيفها في خدمة الغرض الذي سيقت له...
ا-ف(الصومعة )تدل علي الانقطاع التام والابتعاد عن كل مايحيط به ...وهذا يدل علي انغلاق هذا الأمير وأمثاله علي انفسهم
وعدم خروجهم أو استقبالهم لنور العلم الديني الصحيح ...فوصل بهم هذا الانغلاق وهذه العزلة الي التنطع والبحث عن كل مايضر الوطن باسم الدين والدين منهم براء...

ب- (اللاهوت )وقد أشاعت هذه المفردة في جو القصيدة قدسية الإله ومعرفته معرفة منطقية من خلال  الكون ولا حاجة لكل هذه (الطلاسم )التي أفسدت علي ابناء الوطن الواحد دنياها واخرتها وجعلتهم فرقا متناحرة متنافرة...
علما بأن الدين يسر ولم يطلب من هؤلاء وأمثالهم أن يكونوا أوصياء عليه...

ج-(ناقوس )وإضافته الي (الأولين )لتوضيح حقيقة غابت عن الكثيرين ، وهي أنه كان في الأولين له شأن لأنهم لم يبيعوا اخرتهم بثمن بخس بل حافظوا علي دينهم ووسطيته وكأن الناقوس رمزا لوحدتهم لافرق بينهم ولا أهواء ولا اشياع...
اما الأن -وإن كان الناقوس-مازال بيننا الا أنه صار صورة ولم يعد رمزا...فلم يعد له من القدسية ماكان في الأولين.... فاصيب المجتمع بلعنة الفرقة والضياع والتشرذم...!!!

4-التضاد بين (الحقيقة والخيال )لتوضح من خلاله أن هذا الفكر صار سمة عامة فقد تغلغل في كل مناحي الحياة لم يترك ذاوية الا دخل فيها....
وأيضا بين (واضح ومغلوط ) لتظهر أن فكر الوسطية والاعتدال والبعد عن التطرف بعد أن كان واضحا جليا (كشمس النهار ) استطاع هذا الأمير ومن معه تحويله الي فكر (مغلوط )فجاءت بقولها....
أيامك فميؤوس عندك في عرش أوابده عبدان..
لتبين يأس الناس من كل خير يأتي به هذا الأمير صاحب الفكر المتطرف وأعوانه...

وكما كانت المبدعة موفقة في البداية فقد وفقت أشد التوفيق في الخاتمة ،
إذ تبرأت من سيدها هذا وذكرت أسباب التبرؤ وأوضحتها كي تكشف زيفه وخداعه...
ومن هذه الأسباب أنه...
1-نسخة منسوخ مقلد
2-علي عرش تاجه جهل
3-صولجانه أصم
4-ناقوس المعرفة ابكم
لذا استفاقت بعد جهد جهيد لتري آثار هذ السيد المزعوم فوجدت ...
1-مدنا أحياؤها أموات
2-أزقتها تضبح بعربات خيول علي الطرقات...كل من مر عليها حسبها عامرة
3- لكنها للأسف مسيرة بلجام...
هذا نتيجة الجهل وحجب العقول عن نور العلم الديني الصحيح المستمتد من متابعه الصحيحة...

فلما رأت الشاعرة هذا الهلاك وهذا الدمار الذي لحق بها وبمحيطها بسبب الأفكار المغلوطة المحمولة علي عربات بخيول تضبح في الطرقات والمسيرة بلجام ....والتي حاءت كناية عن الجهل المطبق الذي عشش في عقول هذه الفئة فاستباحت الدماء والأعراض والأموال والأوطان...
لمارأت ذلك بأم عينيها سقط القلم من يديها لتعود مرة أخري وتري الإنسان ورقة خريف -كما ذكرت في البداية -لاقيمة له.. مازالت تسيطر عليه العبودية المتلونة بتلون الزمان والمكان...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق