السبت، 22 سبتمبر 2018

قراءة للدكتور احمد بدير لومضة للمبدعة فريدة الجوهري @// تعبة انا //@ مجلة الوطن اتحاد الصوت الحر

الصورة ودلالتها في ومضة
تعبة أنا ...
للمبدعة :فريدة الجوهري
قراءة د. احمد بدير

تقول الومضة
تعبة أنا
سجينة في شباك
عنكبوت
تلتف حولي  الأفكار
كأفعى
تخنقني رويدا رويدا
لزجة هي الأقدار
دبقة
أحاول
رفع أقدامي دون أمل
ملتصقة دوما
أتقمص أشياء ليست أنا
أرتدي أثوابا
ليست لي
وأبتعد مجبرة
عن الأنا

في كثير من الأحيان يمل الانسان
من وضعه الذي يعيش فيه...
فيلجأ الي داخل نفسه يتقوقع فيها ويبث إليها بوحه الصافي الراقي النابع من أعماق قلبه...
وذلك مافعلته المبدعة حين ألقت بالجملة الأولى من ومضتاها (تعبة أنا )بتقديم الخير علي المبتدأ ...وكأنها بهذا التقديم في بداية ومضتها تريد أن تثبت للمتلقي أن التعب قد بلغ منها كل مبلغ فكل تعب  في الدنيا مقصور عليها....فلا يوجد تعب الا وقد حل بها وسكن جسدها...
وكأنها بذلك تمهد للآتي بعد حتي يكون المتلقي علي وعي منذ البداية بحال المبدعة وما تكابده من تعب ومشقة ...
لذا جاءت الجملة الثانية متممة للأولي حيث قالت.....
(سجينة في شباك عنكبوت )
واختيار السجن في شباك العنكبوت له دلالة خاصة ربما تقصدها المبدعة ...
حيث إن أوهن بيت هو بيت العنكبوت ورغم وهنه وضعفه الا أنه تمكن منها واستطاع أن يسجنها في داخله بسبب تعبها وعدم مقدرتها علي المقاومة ...
ثم تأتي بصورة جميلة وتوضح مدي تمكن الأفكار الهدامة منها وسيطرتها عليها بسبب التعب الذي تعاني منه ...فتقول (تلتف حولي الأفكار كأفعي ) ومجيء (افعي ) نكرة يدل أن هذه الأفكار التي تسيطر عليها افكارا منكرة بشعة ففيها من الهول والفظاعة مافيها ....دل على كل ذلك مجيء المشبه به (افعي )نكرة....ولأن هذه الأفكار هدامة ....
فهي تسيطر علي المبدعة وتخنقها رويدا رويدا ...وهي لاتستطيع الانفكاك منها لانها
(لزجة هي الأقدار )
وفي تقديم الخبر  (لزجة )علي المبتدأ(الأقدار ) والمجيء بينهما بضمير الفصل (هي ) ليدل علي أن الأقدار مقصورة علي اللزوجة...فهي ان تحكمت في انسان فانه لايستطيع الانفكاك منها مهما اوتي من قوة....
لذا فهي في محاولة متكررة للتخلص من هذا التفكير السلبي...ولكن دون أمل فتقول (أحاول....رفع أقدامي دون أمل
ملتصقة دوما )ومجيء الفعل بصيغة المضارع يدل علي تجدد المحاولة وحدوثها في كل وقت....فكأن كل محاولة لها لرفع أقدامها فيها تكون بكل جد واجتهاد واقتدار كأنها أول مرة فالمحاولة متجددة وحادثة كي تستطيع رفع اقدامها....
ولكنها (ملتصقة دائما )وقد أكدت الالتصاق مرتين لتبين شدته ...فقد جاء أولا بصيغة الاسم والذي يدل علي الثبوت والدوام والاستمرار ...ثم مجيء كلمة (دوما )بعده لتؤكد علي هذا الدوام وهذا البيوت...
وحينما أعيتها كل الحيل...كان لها محاولة أخري...لعلها تجد فيها انفكاكا مما هي فيه لذا قالت ...
اتقمص أشياء ليست أنا
ارتدي أثواب ليست لي
وابتعد مجبرة عن الأنا
فقد بلغ منها اليأس مبلغه وسيطر عليها كاملا...لذا تحاول التخلص منه بشتي السبل وبكل الوسائل....وكانت موفقة أشد التوفيق حين ختمت ومضتها بقولها(وابتعد مجبرة عن الأنا )بعد قصري جبري لايعرفه أحد ولم يجربه مخلوق....وهنا تتوحد الخاتمة مع البداية لتبين عن الحالة النفسية المبدعة ...
وقد استطاعت بكل مالديها من بلاغة وفصاحة أن تعبر عن المعنى الذي تريد إيصاله للمتلقي....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق