السبت، 16 يونيو 2018

بقلم الاديب وليد .ع .العايش @// يوميات رمضان ٢٩- //@ مجلة الوطن اتحاد الصوت الحر

- يوميات رمضان - ٢٩ -
--------------
صهيل القطار يدق مسامعي من بعيد، نوره يسطع على صفيح ليلة ساخنة، يشق عباب الطريق المكتظ بالسكون، تتهشم آخر شهقات السكة الحديدية دون مقاومة .
حملت حقيبتي بتثاقل، ضممتها إلى صدري كم يضم الخريف حبات المطر الآتية بعد غياب طويل .
- هيا أيها الأخ الغالي  ... أوصلني إلى محطة القطار فهو يكاد أن يصل  ...
- هيا بنا يا أخي  ... هيا  ...
لم تسعفه الكلمات أكثر، آثر الصمت، بينما كان الولد الذي تشبث بعامه الخامس بدمية كنت قد أشتريتها له منذ عامين ونيف .
يومها تراكضت أغصان الأشجار تسبقني إلى المحطة، تحلت الغيوم بشيء من الصبر، أمي كانت هناك تلتحف آخر دموعها ثم تنزوي خلف ستارة هزتها الرياح كثيرا من قبل .
- لك الله يا أمي  ... لك الله يا ولدي  ... وأنا أيضا لي الله  ...
استدرجت خطواتي برفقة أخي، تركت كل ذكرياتي تئن تحت وطأة الرحيل ( لا شيء يعجبني هناك ) قلت سرا  ... ( لكن لا بد من الرحيل ) ... سمع أخي آخر عبارة انزلقت من ثغري .
- لا عليك  ... لا عليك  ... كلنا ربما سوف نرحل ...
باتت المحطة في مرمى عيني، صرير العجلات يطرق أبواب قلبي، تساءلت كثيرا ونحن في الطريق  : ( لماذا أنا ) ...
عندما وضعت قدمي على درج العربة الخلفية، وصلني عبر الصدى صوت أمي المحموم ، وبكاء ولدي الوحيد  ...
- سيعود يا أمي سيعود  ... قال أخي  ... ردد الصدى كلماته ...
نظرت إلى تلك العربة الطائشة، كانت العجلات قد بدأت تتحرك ببطء ...
- لا خير فيمن يترك أمه وولده  ... ووطنه  ...
قذفت بالحقيبة على حجارة السكة، ثم قذفت بنفسي خلفها ... مازلت أذكر دموع أمي المنبعثة من قلب الشمس ... مازلت أذكر  ...
--------------
وليد.ع.العايش
٢٩/رمضان/ ١٤٣٩
#تم #بعون #الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق