- يوميات رمضان - ٢٩ -
--------------
صهيل القطار يدق مسامعي من بعيد، نوره يسطع على صفيح ليلة ساخنة، يشق عباب الطريق المكتظ بالسكون، تتهشم آخر شهقات السكة الحديدية دون مقاومة .
حملت حقيبتي بتثاقل، ضممتها إلى صدري كم يضم الخريف حبات المطر الآتية بعد غياب طويل .
- هيا أيها الأخ الغالي ... أوصلني إلى محطة القطار فهو يكاد أن يصل ...
- هيا بنا يا أخي ... هيا ...
لم تسعفه الكلمات أكثر، آثر الصمت، بينما كان الولد الذي تشبث بعامه الخامس بدمية كنت قد أشتريتها له منذ عامين ونيف .
يومها تراكضت أغصان الأشجار تسبقني إلى المحطة، تحلت الغيوم بشيء من الصبر، أمي كانت هناك تلتحف آخر دموعها ثم تنزوي خلف ستارة هزتها الرياح كثيرا من قبل .
- لك الله يا أمي ... لك الله يا ولدي ... وأنا أيضا لي الله ...
استدرجت خطواتي برفقة أخي، تركت كل ذكرياتي تئن تحت وطأة الرحيل ( لا شيء يعجبني هناك ) قلت سرا ... ( لكن لا بد من الرحيل ) ... سمع أخي آخر عبارة انزلقت من ثغري .
- لا عليك ... لا عليك ... كلنا ربما سوف نرحل ...
باتت المحطة في مرمى عيني، صرير العجلات يطرق أبواب قلبي، تساءلت كثيرا ونحن في الطريق : ( لماذا أنا ) ...
عندما وضعت قدمي على درج العربة الخلفية، وصلني عبر الصدى صوت أمي المحموم ، وبكاء ولدي الوحيد ...
- سيعود يا أمي سيعود ... قال أخي ... ردد الصدى كلماته ...
نظرت إلى تلك العربة الطائشة، كانت العجلات قد بدأت تتحرك ببطء ...
- لا خير فيمن يترك أمه وولده ... ووطنه ...
قذفت بالحقيبة على حجارة السكة، ثم قذفت بنفسي خلفها ... مازلت أذكر دموع أمي المنبعثة من قلب الشمس ... مازلت أذكر ...
--------------
وليد.ع.العايش
٢٩/رمضان/ ١٤٣٩
#تم #بعون #الله
السبت، 16 يونيو 2018
بقلم الاديب وليد .ع .العايش @// يوميات رمضان ٢٩- //@ مجلة الوطن اتحاد الصوت الحر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق