الأحد، 24 ديسمبر 2017

مجلة الوطن اتحاد الصوت الحر @// قراءة في المجموعة القصصيه ( ثمن الخلود ) للكاتب والاديب مصطفى طراد قراءة وتقديم للدكتور احمد بدير

قراءة في المجموعة القصصية (ثمن الخلود )للكاتب والأديب /مصطفي طراد
قراءة د /أحمد بدير شعبان
تقديم :
إن دراسة الأدب ونقده ليست تقويما للسان ،وتهذيبا للجنان فحسب ،بل إنها مطية المسلم إلي فهم قرآنه ، ولغة نبيه صلي الله عليه وسلم وما انطوت عليه من صور أدبية عميقة ،دفعت العربي المشرك _لسلامة لغته _إلي أن يقر بنصاعة بيان القرآن وإعجاز لغته.
ومتي ابتعدنا عن دراسة آدابنا فقد تمكنت منا العجمة وصار بيننا وبين القرآن الكريم حاجز ، نقرأه فلا ندرك مواطن الجمال  ولا أسرار الإعجاز فيه ،بل صار أكثرنا لايدرك حتي معانيه .
من هنا كانت دراسة اللغة واجبا شرعيا ،ليتحقق معني الإيمان بإعجاز لغة القرآن ، فكيف يؤمن بإعجاز اللغة من جهلها؟!!  ، وضرورة حضارية إذ لاحضارة بلا هوية ،ولا هوية بلا عربية ،وإذا كانت المعرفة هي التي تشكل عقولنا ،فالفن _لاسيما_الأدب منه هو الذي يشكل وجداننا ،وما أحوجنا إلى وجدان نابض يعلى الهمة لتنهض الأمة .
و(ثمن الخلود )مجموعة قصصية تشتمل على فكرة رئيسية واحدة هي:حب الوطن والتحسر الشديد لما أصابه من انكسارات ،والرغبة الملحة في عودته لسابق عهده ،اذ نجد قدرة الأديب وتمكنه من استخدام أدوات الاستفهام ونثرها في المجموعة من البداية إلي النهاية وهذه الكثرة توضح مدي الحيرة التي يعيشها ،فهو يتقطع ألما وتشتعل في داخل نفسه ثورة عارمة وتمرد رهيب وحيرة منقطعة النظير لما يشاهده ليل نهار من تفتت وتشرذم في كل أنحاء الوطن العربي ،وهذا الوضع دفع بالأجنبي إلي محاولة إزاحة أبناء الوطن عنه من خلال خلق النزاعات الطائفية والمذهبية التي أضاعت قوته وهيبته وجعلت من الأجنبي سيدا له .
ومن الملاحظ أن هذه المجموعة تشتمل على (ثنائيات )من بدايتها إلي نهايتها ،لذا ستقتصر قراءتي على بعض هذه الثنائيات والتي منها :
1_ثنائية مزج المنطق الوجداني بالمنطق العقلي ،يتضح ذلك من خلال القصة الأولى (إياكم والإزعاج ) حيث تواسي الزوجة زوجها وتطلب منه عدم الندم ......ربما يعد الله لهم مائدة في الجنة بسبب إكرامهم لهذا الضيف مستخدمة في ذلك منطق الوجدان ،فيواجهها الزوج بمنطق العقل :لاتقولي ضيف ........لقد اقتحم بيتنا وأكل طعامنا دون أن يؤذن له .....وهذه الثنائية تثبت الصراع القائم في المجموعة من بدايتها إلي نهايتها .
2_ثنائية التضاد ،والتي تظهر جلية من مقدمة المجموعة حيث يقول الأديب في مقدمته : لعل صرخاتي تكون حجة لي عند لقاء ربي ......ثم يأتي عنوان القصة الأولي مباشرة (إياكم والإزعاج ) ليوضح من خلال هذا التضاد شمول المعاناة والألم لكل أنحاء الوطن العربي الكبير لاينجو منهما صغير ولا كبير .

3_ثنائية التضاد في الزمان ،حيث استخدم الجمل الاسمية في بدايات عشر قصص ،وهذا يدل علي ثبوت العناء والتفرق والتشرذم واستمرار ذلك مع غفلة وتجاهل كثير من العرب لذلك ،بينما في سبع قصص جاءت البدايات فعلية لإفادة التجدد والحدوث فبرغم أن الثبوت والدوام أكثر إلا أن هناك أمل في التجدد وحدوث شيء قد يغير في الأمور كثيرا .
4_ ثنائية التمرد والخضوع ، ويظهر ذلك في القصة الأولي ،حيث يتمرد صاحب البيت علي وضع الضيف الثقيل ومن معه فيصور الأديب هذا التمرد بقوله :اندفع صاحب البيت ثائرا .....فاردا ذراعيه ......يصرخ فيهم:لن يدخل أحد ..... ويأتي بعد هذا المشهد مباشرة :الخضوع والاستكانة؛لأنهم :طرحوه أرضا .....فتكوم يصرخ ألما......
5_ثنائية الجمل الخيرية التقريرية والجمل الإنشائية التي تدل على التحسر سواء كانت أمرا أو نهيا أو استفهاما .
وإذا تتبعنا هذه الجمل وجدنا معظم القصص تبدأ بجمل خبرية وتنتهي بجمل خبرية أيضا والغرض منها :التقرير.
فحينما يقول الأديب في بداية إحدى قصصه :بثقة غريبة .....فهو يريد من بداية الأمر تقرير حقيقة واقعة هي ثقة الغاصب المطلقة وقدرته في الاستيلاء على هذا الوطن وهذا هو أصل القصة وكل شيء فيها يقوم عليها ،فاستخدام الجمل الخبرية ذات البدايات الاسمية والتي تدل علي الثبوت والدوام وفي نفس الوقت تقرير للأمر الواقع وإثبات له هي بمثابة قاعدة عامة ثابتة لاتتغير مهما تغير الزمان وهذا مايريد ان يثبته الغاصب المستبد ...... لذا ختم قصته بالجملة الخيرية التي تقول :البيت بيتي والرجال شهود .
6_اما في قصة (كفر الغلابة )فيحاول الكاتب الإسقاط علي بعض القصص التراثية التي يستنبط منهاقصته الهزلية التي تدل علي مدي الخضوع والاستسلام الذي حل بأبناء هذه القرية .
7_وفي قصته (آه من بهية )يحاول الإسقاط علي الشعر فهي تحكي قصة بيت أمير الشعراء أحمد شوقي عن وطنه وكيف يقوم بتهجير أبناءه منه بينما يتمتع به الغاصب المستبد ،وذلك في قوله:
أحرام علي بلابله الدوح ......
حلال للطير من كل جنس ؟؟!!
وبعد فهذه إطلالة سريعة علي المجموعة التي أرجو أن تكون قد وفت بالغرض المقصود منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق