الأحد، 26 أغسطس 2018

بقلم القاص والروائي نبيه الحسن @// مواليد جديده //@ مجلة الوطن اتحاد الصوت الحر

مواليد جديدة
طار صواب حمدان ,أخذه احمرار التراب , و مجرى الماء الذي شكل شريانا" يشق طريقه إلى واد لا يعرف أحد أين يلقي برأسه التعب .
لم يدر إلا و هو يقرع باب صاحب الأرض , أنقده مبلغا" و ذهبا معا: إلى الدائرة العقارية , تأبط الملكية خوفا" من عاديات الأيام .
جلس في البيت و شرد بخياله بعيدا" ,فكر كيف سيتأبط صك الزواج , و اشترط على نفسه أن يكون في قلبها  رأفة بالحيوان ،وخصبة كهذه التربة الحمراء .
فجأة غالبه النعاس ,فتعاقبت الفصول , واشرأبت الأشجار ،ثم  أثمرت و أغدقت الخيرات عليه , و زقزقة العصافير و رقصت أيام الإخصاب . دخل عليه مالك الأرض السابق , فحدثه عن المحاصيل و نوعية الثمار , وخصوصا" ثمار الكرمة و عصيرها اللذيذ , رأى الحسد يشع من عينيه . انقض ليمسك بتلابيبه ,فاستيقظ مذعورا" , فقال لنفسه :"" حلم جميل لولا الرجل التعس " .
اصطحب عددا" من عمال البناء إلى أرضه ليشيد غرفتين للسكن ،على مسافة بنى زريبة , و خم للدجاج , و لم ينس برج الحمام , و سور الأرض بأسلاك شائكة , غرس أشجارا" من اللوزيات و الزيتون و عدد من أشجار التين و العنب , و ابتاع من المدينة ثلاث بقرات , و ست دجاجات , و ذات العدد من الإوز . اطمأن على الحيوانات قبل غروب الشمس و عاد إلى البيت ليأخذ قسطا" من الراحة ,تراءت له خيالات في دبيب العتمة , و خوفا" من هجمات اللصوص , فكر أن يبتاع بندقية , لكنه تراجع خوفا من أن يتعرض للمساءلة , و بقي  يفكر حتى طلع الصباح . سافر إلى البادية و بعد لأي صادف أحد الرعاة . ابتاع منه كلبا" مدربا" على حماية القطيع . ذو أنياب حادة ,ابتاع مؤن للحيوانات , وطعاما" خاصا" للكلب . كانت تراوده فكرة الإنجاب , فأخذ يستعرض وجوه الصبايا , لكن خوار البقرة جعله يتراجع, فأسرع ليستطلع الأمر ,استقبله الكلب هزا ذيله , دنا منه ومسح على رأسه :
- لك عروسا" تليق بك .
تكور الكلب بجانب الزريبة ,استقبلته البقرة بالخوار , فتعهد لها بثور قوي , و لم ينس الدجاجات , تناول الدفتر و كتب ,أنثى من الكلاب , و ثور قوي , و ديك فصيح .
و نسي نفسه ,عاد أدراجه إلى البيت , و أخذ يسترجع الأسماء , فتذكر نفسه :
- اللعنة ...
تذكر إحداهن فقال :
- هي لا غيرها !..
لكنه تراجع عن فكرته ,لقد  شاهدها ذات يوم , تضرب شاة بقسوة فقال :
- لا.... لن أقترن بفتاة لا ترأف بالحيوان , كل من لا يحترم الخصب , غير جدير بالإنجاب .لمع الأفق , و دوى الرعد ...وزرفت السماء دموعها , انتعش قلبه بالأمل , حين استقبلت الأرض دموع الرحمة , أشعل الفوانيس , و أوصد النوافذ , كانت أرباب السماء تعقد اجتماعا" نوعيا" , فانضمت السحب المبعثرة فتحولت إلى جزر باكية , و فجأة دخلت الفتاة القاسية , و أدت أمامه القسم :
- أقلعت عن عادتي .... فأنا راغبة في الإنجاب .
دوت القذائف في قبة السماء , سمع عواء الكلب تحت سياط المطر , و خارت إحدى البقرات أشعل النار , و أخذت الفتاة تساعد البقرة فاندفعت عجلة ولدت لتوها فقدت أمها أثداءها تؤكد مواليد جديدة .
مدير الملتقى
القاص والروائي
نبيه اسكندر الحسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق